السبت، 11 أكتوبر 2014

خـواطر : في آخر الزمان ، كل ما تحتاجه هو إيمان النطفة










في ميلي لتر واحد من السائل المنوي للرجل العادي يوجد ما لا يقل عن 100 مليون نطفة .. كل واحدة منها مهيئة لتكوين إنسان جديد لو قدر لها الالتقاء ببويضة أنثوية ، لكن في حالات نادرة جدا يسعف ( القدر ) نطفة واحدة فقط من تلك الملايين الكثيرة.
تبقى النطفة حية و قادرة على الالقاح ما بين يومين او ثلاثة ، وبعدها تخور قوتها و تموت . والرحلة التي تقطعها النطفة بحجمها المجهري من مكان القذف حتى تصل الى البويضة تعادل الرحلة التي تمشيها انت من قارة الى قارة .

و لأن النطفة هي أنت ... و هي أنا ... عندما أتى علينا حينٌ من الدهر لم نكن فيه شيئا مذكورا

و لأن النسيان هو من طبع الإنسان

ساذكّرك بالحكاية من البداية ...

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كان ياما كان ، قبل حين من الزمان ..

كنت نطفة صغيرة حقيرة ،
أعيش في خصية مع نطاف كثيرة ،
ارتسمت في تلافيفها الغزيرة
خريطة الأوطان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كنا بالملايين لكن بلا أسماء ،
نـحيا آمنين بصفاء وهناء ،
فرزقنا يأتينا رغدا بلا عناء ،
كأننا في جنة عدن نأكل من كل الثمرات أنى نشاء ...
حتى جاء اليوم الموعود ... و غمرنا الطوفان .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

على حين غرة ، دهمنا سيل من ماء دافق ،
 خرج من بين الصلب و الترائب ،
 وقذفنا ذاك الماء المهين ،
 وألقى بنا في قرار مكين بدى
لنا سرمديا بوسع الأكوان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تخبطنا وفزعنا
و كالسكارى تدافعنا ، في كل مكان
لا نعرف ما المصير .. ولا أين المسير
و في غمرة الهرج والمرج ..
أُلقى في روعنا صوتٌ داخلي رحيم ..
صوت أعاد فينا الأمان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فأوحى لنا أن نسبح في رحلة من العدم إلى الوجود ،
و عبور برزخ يوصلنا إلى الوطن الموعود
و أخبرنا أن كل ما نحتاجه هو الإيمان
و أنّ الأقوى إيمانا سيكون ... إنسان

فحملنا الأمانة و هذا ما كان ..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في ذاك الحين من الدهر لم يكن لدينا عيون نرى بها ، ولا بشرة نتحسس بها معالم طريقنا الطويل
في ذاك الحين من الدهر لم يكن لدينا آذان نسمع بها توجيهات من هادٍ أو دليل
فلا ( المرشد الأعلى ) قادر أن يرشدنا ، ولا ( الحبر الأعظم ) يستطيع يهدينا سواء السبيل
في ذاك الحين من الدهر ما كان العلم لينفعنا و لا التكنولوجيا لتسعفنا ..فلا بوصلة و لا خارطة و لا أي بديل
في ذاك الحين من الدهر لم تكن معنا إلا يد الرحمن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و بالإيمان انطلقنا نلهث في سباق الحياة المرير
إلا مجموعات قليلة أبت و أنكرت و ظلت تدور على نفسها في هذيان
دعونا نبقى هاهنا .. فالغذاء وفير.. والمكان و ثير و العمر قصير
فلماذا نصدق بوجود ارض الميعاد ، فما حياتنا إلا الآن .
نطافاً ملحدةً طواها النسيان ،
كسجناء محبوسين في اللا-مكان
فبأي آلاء ربكما تكذبان ؟

  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وتابعنا المسير ...
لكن الرحلة شاقة و الطريق و عر و عسير
ما جعل نطافاً أخرى تتساءل في شك خطير
وما يدرينا أن هذا الصراط المستقيم هو الطريق الأول و الأخير ؟
دعونا نبحث عن صراط اقصر ، أو شرائع أيسر ، أو نعثر على طريق منعطف مثير.
فانحرفت طوائف و انشقت جماعات ، فمذاهب تذهب ذات اليمين و أخرى إلى اليسار تسير ...
ضلوا جميعا ، و قتلهم العصيان

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومن بين الملايين لم يسلم إلا ألفا أو بعض ألف ..
فقالوا : نحن متعبون ، و لا يزال الوقت طويلا ، فلم التنافس في هذا الظرف ؟
اليوم خمر ، وغدا أمر ... وهذا هو العرف
فكانوا يسرعون تارة و يبطئون تارة ، كمن يسير على حرف
ربما وصلوا ... لكن بعد فوات الأوان.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مترنحا بين شفير الشك و شاطئ التصديق
دعوتُ الرحمن كدعاء الغريق
أنت دليلي و أنت الرفيق
و قوتي خارت ، فاهدني الطريق
و شيطاني يوسوس في مجرى الشريان
فصدق الوعد .. و انتصر الإيمان
وقال كن .. فكنتُ الإنسان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نـور
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 التعليقات:

بسم لله و مشاء الله عليك نفعكم الله واحسن اليكم.

إرسال تعليق