الأحد، 12 أكتوبر 2014

البصيرة / ( 1) أن ترى ما لا يراه الآخرون



( 1) البصيرة .. أن ترى ما لا يراه الآخرون 


هي حقيرة، بمنتهى الضئالة، و لا نهتم لها، فأكثر من الف واحدة منها لا تكاد تزن إلا غراما واحدا او أقل. ولا يزيد عمرها عن شهر واحد! و رغم ذلك لا يستحي الله أن يضرب بها مثلا!

إنها البعوضة!!

بعد فحصها بالمجهر الإلكتروني، وتكبيرها عدة آلاف من المرات، تبين أن في رأسها مئة عين، و في فمها ثمانية و أربعون سناً،  وفي صدرها ثلاثة قلوب،  قلب مركزي،  وقلب لكل جناح،  وفي كل قلب أذينان وبطينان ودسّامان .

وتبين أنها تملك جهازاً لا تملكه أحدث الطائرات،  وهو جهاز استقبال حراري فهي تستطيع ان ترى في الظلام الدامس و هي ترى الأشياء ليس بحجمها و لا بشكلها أو لونها و انما حسب درجة حرارتها،  و حساسية جهاز الرادار الحراري هذا هي واحد على ألف من الدرجة المئوية . 

 
كما تمتلك البعوضة في خرطومها جهاز لتحليل الدم،  فما كل دم يناسبها، و معها أيضا جهاز تخدير،  فإذا غرزت خرطومها في جلد الإنسان خدرت تخديراً موضعياً، فلا يشعر بلسعتها،  حتى تنتهي من امتصاص الدم،  وتطير في سماء الغرفة، و ينتهي مفعول التخدير، عندئذ يشعر بألم في مكان اللسعة.

ومعها أيضا جهاز تمييع للدم كي يسري في خرطومها الدقيق جدا، فقبل ان تمتص الدم تقوم بعملية فحص و تحليل ثم تخدر و تميّع الدم وترتشفه في خرطومها، و خرطومها هذا كشعيرة فيه ست سكاكين مجهرية، أربع سكاكين لإحداث جرح مربع،  وسكينان تلتئمان على شكل أنبوب لامتصاص الدم.


هذه البعوضة الحقيرة أرجلها مزودة بمخالب إذا وقفت على سطح خشن وبمحاجم تعمل على ضغط الهواء إذا وقفت على سطح أملس.

كل هذه الأجهزة الدقيقة و المعقدة زوّد الله بها هذه البعوضة التي لا يزيد متوسط عمرها عن شهر واحد كي تؤدي وظيفتها في الحياة على أكمل وجه .. الوظيفة التي من أجلها خُـلقت .. و هي امتصاص الدم منك .

كل هذا الإبداع المعجز من أجل هذا الجندي الصغير من جنود الله،  هذا المخلوق الحقير في عيوننا.!

﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ﴾
فماذا عسانا نقول إذا اردنا ان نتحدث عن جسم المخلوق الأكثر تعقيدا في الارض، المخلوق في أحسن تقويم و الذي سجدت له الملائكة ؟

أنت أيها الإنسان !

فجسمك يتكون من ترليونات ترليونات الخلايا و فيه آلاف الأجهزة المعقدة التي تؤدي وظيفتها في تناسق وانضباط دقيق و مبهر ..جهاز هضم،  و جهاز دوران،  و عصبي،  و عضلي و إطراح،  و تنفسي،  و جهاز بصري،  وسمعي...الخ .

سنحتاج إلى مئات السنوات كي نتحدث عما نعرفه الآن ! وما يزال ما نجهله أكثر.
ففي دماغ الإنسان على سبيل المثال مليارات الخلايا العصبية ..خمسها فقط معروفة وظيفته على وجه الدقة و الباقي لا يزال سرا غامضا .

الله الحكيم قد خلق كل هذه الأجهزة المعقدة في جسم جميع المخلوقات من البعوضة حتى جسمك أيها الإنسان .. و وضع هذه الأجهزة في جسدك وسخرها لك بهذا الشكل المعجز لتؤدي وظيفتها و تخدمك خلال فترة حياتك الدنيوية القصيرة التي نادرا ما تزيد عن 100 سنة.
  
لكن السؤال هنا ..
إذا كنا مجهزين تماما بما يلزمنا لنعبر في رحلتنا الدنيوية القصيرة و التي مهما طالت تبدو كلمحة عين إذا ما قورنت بالأبد او اللانهاية،
فهل يعقل ان الله الرحيم لم يزودنا بجهاز واحد ينير لنا الطريق لحياتنا الأخروية الأبدية فينقذنا من عذاب جهنم ؟!

للحديث بقية إن شاء الله 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نـور
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

0 التعليقات:

إرسال تعليق