الأحد، 12 أكتوبر 2014

البصيرة / (3) العلم الظاهر






3) العلم الظاهر

 
يقال كما ان الحلم بالتحلم فإن العلم بالتعلم ..

هل هذه المقولة صحيحة لكل انواع العلم ؟

اي هل التعلم هو الطريقة الوحيدة لإكتساب العلم و المعرفة ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

البعض يختصر كل العلم في ثلاثة أقسام فقط :

1-
علم بخلق الله 
2-
و علم بشرع الله 
3-
و علم بالله 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أما العلم بخلق الله فهو علم جلي و ظاهر ، و يمكن أن تتعلمه و تحصله في المعاهد و الجامعات: 
طب , علم حيوان ، نبات ، جيولوجيا و طبقات الأرض ، علم الفلك ، هندسة, تاريخ , جغرافيا, علم اجتماع, ....الخ 
هذه كلها فروع للعلم بخلق الله وكل واحد منا عنده نصيب من بعض هذه العلوم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و أما العلم بشرع الله – اي الشريعة و أوامر الله و نواهيه ؛ فهو أيضا علم جلي و ظاهر : اي معرفة الحلال والحرام , والأحوال الشخصية , والطلاق , والزواج , و رأي المذاهب والفقهاء ، واصول العبادات و المعاملات ... الخ

و هذا ايضا يمكن ان يـُكتسب في الكليات الشرعية ، والأزهر و غيره من المعاهد الدينية 

يستطيع اي إنسان ذكي , ولو كان ملحدا ً, أن يقرأ موضوعاً في الفقه الإسلامي مثلا و يفهمه , ويمكن أن يمنح الدكتوراه في الشريعة الإسلامية و هو ملحد , فالقضية هي مجرد معلومات ؛ تحتاج إلى فهم, وإلى حفظ , وإلى مناقشة. فالقوة الإدراكية في الإنسان تسمح له أن يفهم أي علم من العلمين السابقين , سواء العلم بأمر الله و شرعه , أو العلم بخلق الله

لذلك هذين العلمين يسميان بالعلم الظاهر او الجلي 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اما العلم الثالث وهو العلم بالله فيسمى بالعلم الباطن و الخفي ، ويسمى أحيانا بالبصيرة 

لأن هذا العلم لا يمكن أن يـُكتسب بنفس الطريقة التي يـُكتسب بها العلم الظاهر ..اي لا يأتي بالتعلم ، وانما هناك طرق اخرى لإكتسابه 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فالعلم إذن بهذا المفهوم نوعان فقط لا ثالث لهما : 
1-
علم جليّ أو ظاهر ،
2-
و علم خفيّ او باطن .

و العلم الظاهر كما قلنا يُـكتسب بالتعلم و له ثلاثة طرق لاكتسابه:

1- التعلم عن طريق الحواس (اليقين الحسي(، 
2- و التعلم عن طريق الإخبار ( اليقين الإخباري )  
3- و التعلم عن طريق الإستدلال العقلي (اليقين الإستدلالي(

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الطريق الأول: علمٌ ظاهر تتعلمه بالحواس الخمس , سماه العلماء ( اليقين الحسي) ، هو المعارف التي تكتسبها عن طريق التأمل و الملاحظة و المشاهدة .

أنتَ تنظر من نافذة شقتك في مدينة دبي مثلا فترى بعينكَ الأبراج العالية و التطاول في البنيان يحجب الافق  
 هذا (يقين حسي)

انت تفتح غوغل ايرث مثلا فتجد فيه خريطة بلد اسمه اسرائيل ، و ترى بعينك النهضه العمرانية و الصناعية الكبيرة في اسرائيل و تشاهد التقدم التكنولوجي .. و تسمع بإذنك عن مفاعلاتهم النووية و ترى في نشرات الأخبار كيف يتسابق زعماء الدول الكبرى لخطب ود اسرائيل  
 هذا كله (يقين حسي(







أنتَ تُحسُ أن الشتاء هذا العام هو شديد البرودة مثلا .... 
ترى انخفاض منسوب المياه في بحيرة طبرية ، وفي نهر الفرات ....
هذه أمثلة آخرى على اليقين الحسي

إذن جميع المعارف الجليّة التي تتوارد إليك عن طريق الحواس , سماها العلماء باليقين الحسي 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


والطريق الثاني لتعلم العلم الظاهر هو المعلومات التي تتوارد إليك عن طريق الإخبار ..او ما يسمى باليقين الإخباري :

أنت مثلا سمعت أخبارا عن الساعة و ان لها علامات ، و أن من علامات الساعة الثابتة في الحديث الصحيح أن ترى الحفاة رعاة الشاة العالة يتطاولون في البنيان ... هذه المعلومة مثلا هي يقين إخباري


أنت مثلا تقرأ سورة الإسراء فتفهم من قراءتك ان بني اسرائيل سيفسدون في الارض مرتين ويعلون علوا كبيرا 



أنت تقرأ في كتب التاريخ ان العلو الاول قد حدث و كان وعدا مفعولا ، و هناك علو آخر سيكون في آخر الزمان في وعد الآخرة و فيه سيعود الشتات اليهودي لفيفا الى الارض المقدسة ، وسيكونون اكثر قوة و اكثر نفيرا ...هذه المعلومات التي تقدمها سورة الإسراء هي خبر ، اكتسبتها عن طريق الإخبار القرآني الصادق وليس عن طريق الحواس و التأمل فهي بالتالي يقين إخباري

فاليقين الإخباري هو المعلومات الجاهزة التي تواردت اليك عن طريق المطالعة او القراءة او الاستماع لخطبة او محاضرة 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الطريق الثالث لإكتساب العلم الظاهر هو المعارف التي تأتيك عن طريق الاستدلال العقلي:

والاستدلال يعني العلم القائم على دليل ..

ملاحظة  ثم  تحليل  و ربط الحقائق و تقاطع المعلومات ثم محاكمة عقلية لاقامة الدليل و الحجة  ثم بالنهاية تصل الى الاستنتاج او الاستنباط .

انت مثلا تستدل أننا الآن نعيش في آخر الزمان لانك قرأت في كتب التاريخ انه حتى الطفرة النفطية التي حدثت في الخليج اواخر القرن العشرين ، لم يحدث ابدا ان تنافس الاعراب من مشايخ الخليج فيما بينهم في بناء ابراج عالية وهم الذين كانوا طوال تاريخهم يعيشون حياة بدوية بسيطة كما يصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالحفاة رعاة الشاة العالة .. و رؤيتك لهذه الأبراج و ربطك لها بما وصلك من يقين اخباري من الحديث الصحيح عن علامات الساعة يجعلك تستدل و توقن اننا في آخر الزمان 

انت تصل الى هذا (اليقين الاستدلالي) ايضا عندما ترى العلو الكبير الحالي لإسرائيل وتعرف انه طوال فترة زادت عن 3000 سنة لم يستطع يهود الشتات ان يعودوا للأرض المقدسة ، و يقيموا دولة قوية هناك ، فلا بد ان يكون هذا هو وعد الآخرة ونحن بالتالي في آخر الزمان 








ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كل ما سبق هو علم ظاهر متاح للجميع سواء كانوا مؤمنين أو غير مؤمنين ولا علاقة له بالعلم الباطن او البصيرة التي هي محصورة بالمؤمنين و محجوبة عن غير المؤمنين 

ولكن للأسف تجد في العالم العربي حتى هذا العلم الظاهري غائب تماما عن إدراك معظم الناس فكأن لهم عيون لا يبصرون بها و آذان لا يسمعون بها و قلوب لا يفقهون بها ...
فكيف إذا سيستوعبون ما هو اعمق من ذلك و هو العلم الخفي او الباطن !

فاذا كان معظم الناس لا يرون الآيات المبينة الواضحة الظاهرة و يمرون عليها مرور الكرام كأنهم لم يروا شيئا ، فكيف سيكونون مؤهلين لتلقي اي قيس من نور العلم الباطن !!!

و ما هي الطرق لتلقي او اكتساب العلم الباطن ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نـور
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

للحديث بقية 
نـور

0 التعليقات:

إرسال تعليق