الأحد، 12 أكتوبر 2014

عمر الأمة في 4 مراحل و 4 فتن (2/12) الخلافة الراشدة الاولى


بعد أن رفع الله النبوة بوفاة آخر الأنبياء عليه الصلاة والسلام بدأت المرحلة السياسية الاولى في تاريخ الامة و هي :

الخلافة الاولى على منهاج النبوة 

و شهدت دولة الخلافة تعاقب 4 خلفاء راشدين ، و كان انتخاب الخليفة يتم بالشورى ، و تطبق الشريعة الإسلامية بحذافيرها ، و كانت المدينة المنورة هي عاصمة دولة الخلافة الراشدة ، و استمرت الخلافة الأولى 30 سنة

حيث ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

تكون الخلافة على منهاج النبوة ثلاثين سنة ثم تصير ملكا


و هذا الحديث يفصح بوضوح إلى أن مدة الخلافة الراشدة الأولى ثلاثون عاماً ،
و بحساب فترة خلافة كل واحد من الخلفاء الراشدين نجد أن هذا الحديث يصدق عليهم ، 

فمدة خلافة أبي بكر سنتان وثلاثة أشهر وعشرة أيام ،
ومدة خلافة عمر عشر سنين وستة أشهر وثمانية أيام ، 
ومدة خلافة عثمان إحدى عشر سنة وأحد عشر شهراً وتسعة أيام 
ومدة خلافة علي أربع سنين وتسعة أشهر وسبعة أيام .

مجموع مدة الخلفاء الراشدين الأربعة المذكورة سابقاً هي : تسع وعشرون سنة وأربعة شهور وخمسة أيام ، ولو أضفنا لها مدة الحسن بن علي وهي سبعة شهور لاكتمل العدد إلى ثلاثين سنة بالضبط.

ولهذا قال معاوية بن أبي سفيان - أول حكام العهد الأموي - بعد انقضاء الثلاثين سنة : (أنا أول الملوك) 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه :

شهد عهده حروب الردة ، و ترسيخ حكم الدولة الناشئة على كامل جزيرة العرب .
جمع في عهده القرآن و تم تدوينه بالترتيب الذي أمر به رسول الله في مصحف واحد ، و حفظ ذلك المصحف في بيت السيدة حفصة زوجة النبي .

و استحدث نظام الوزارة و القضاء و بيت المال ، وكان وزير العدل في عهده هو عمر بن الخطاب لكن سرعان ما قدم استقالته لعدم وجود قضايا و خلافات بين المسلمين في ذلك العهد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خلافة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه 

اتسم عهده بالعدل و الشموخ ، و تم في خلافته فتح الشام و بيت المقدس و مصر و ليبيا و العراق وفارس و خوزستان (الأحواز) ، كردستان و أذربيجان و جنوب شرق تركيا .
بالإضافة إلى الكثير من الإنجازات الإدارية و الحضارية كإنشاء الدواوين و إرساء أسس الدولة و نظام البريد ، و التقويم الهجري ، و إقامة نظام عبقري و عادل للضمان الاجتماعي ، و بنيت في عهده الكثير من المدن الجديدة كالبصرة و الكوفة و الفسطاط (القاهرة ) ، 
و من عبقريته و بعد نظره تم في عهده حفر قناة مائية للملاحة تصل البحر الأحمر بالمتوسط ( كقناة السويس حاليا ) وسميت قناة أمير المؤمنين ، و ظلت القناة تقدم خدماتها لأهل مصر حتى عهد الخليفة أبي جعفر المنصور
، و غيره الكثير مما لا يتسع الوقت لسرده من الإنجازات المبهرة و الفريدة.
و لم يشهد عهده أي فتنة ، فقد كان بابا منيعا في وجه الفتن .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خلافة ذي النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه 

استمر في عهده التوسع في الفتوحات البرية ، وبدأت ايضا الفتوحات البحرية ، فقام بإنشاء أول أسطول بحري إسلامي 

فتحت في عهده جزيرة قبرص ، و كذلك خراسان (أفغانستان حاليا ) و أرمينيا و منطقة جبال القوقاز في روسيا (جمهوريات داغستان و الشيشان و انغوشيا و شركسيا حاليا ، وغيرها ) ، و كذلك جورجيا ، و استمرت الفتوحات إلى جنوب مصر و الصعيد و النوبة و السودان و شمال إفريقيا حتى وصلت إلى تونس ،

وتم في خلافته تعميم رسم موحد للقرآن الكريم في مصحف واحد (الرسم العثماني الموجود في كل المصاحف ) و وزع على كل الأمصار . و غيرها من الإنجازات العظيمة.

و في أواخر عهده ثارت فتنة ضده حركها بعض مثيري الشغب و المنافقين ، وقتل صائما و مظلوما في السنة الـ 35 للهجرة أي قبل 1400 سنة من اليوم 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


خلافة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه 

كان علي أهم أعضاء مجلس الشورى في عهد الخلفاء الراشدين الثلاثة الأوائل ولاسيما في عهد عمر حيث كان المستشار الأول ، و تزوج عمر من أم كلثوم بنت علي و فاطمة الزهراء ، وكان اسم علي هو أول الأسماء الستة التي اقترحها عمر لخلافته بعد أن طعنه أبو لؤلؤة الفارسي ، لكن أصوات الصحابة ذهبت لعثمان بن عفان ليكون الخليفة الثالث ، 

و بعد أن قتل سيدنا عثمان مظلوما بويع علي بن أبي طالب للخلافة بالمدينة المنورة فبايعه أغلب من كان في المدينة من الصحابة والتابعين. و يروى إنه كان كارها للخلافة في البداية واقترح أن يكون وزيرا أو مستشارا إلا أن بعض الصحابة حاولوا إقناعه. 

لكن الظروف التي تولى فيها علي الخلافة كانت ظروف فتنة .. فقتلة عثمان ومثيري الفتنة الذين كان يزيد عددهم عن الألفين كانوا لا يزالون في المدينة 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رأى علي تأجيل تنفيذ القصاص بقتلة عثمان حتى تستقر الأمور في المدينة ، وكان بعض الصحابة مع أمير المؤمنين علي في رأيه، كابن عباس ،و عمار بن ياسر ،و الحسن و الحسين -رضي الله عنهم أجمعين 

ولكن كان في مقابل هذا الفريق الذي يمثله الخليفة الرابع 
مجموعتان يرون وجوب القصاص الفوري من قتلة عثمان ، 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الفريق الأول: كانت ترأسه السيدة عائشة ، و يضم طلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام رضي الله عنهم أجمعين 

و قد بايعوا عليا خليفة للمسلمين و انتظروا 6 أشهر كي يقوم علي بتنفيذ القصاص ،
و كان كل من طلحة و الزبير قد طلبا من علي أن يعينهما واليين ليجمعان له العساكر لأخذ القصاص من القتلة الذين كانوا لا يزالون معتصمين في المدينة في ذلك الوقت فلما لم يستجب لهما ، التحقا بمكة المكرمة و كانت السيدة عائشة هناك لأداء فريضة الحج ، وهناك انضمت اليهما ، و بها استنفروا الناس و جمعوهم للمطالبة بدم الخليفة الشهيد المقتول ظلما و عدوانا .

فجمعوا جيشا لأخذ القصاص من قتلة عثمان الذين كان الكثير منهم في جيش علي و من قادته .

فكانت معركة الجمل التي انتهت بمقتل طلحة والزبير وانتصار علي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الفريق الثاني : يضم معاوية بن أبي سفيان والي الشام الذي عينه عثمان ، وايضا عمرو بن العاص و غيرهم .
وكان معاوية يرى نفسه انه هو (ولي الدم) لأنه من بني أمية مثل عثمان و اشترط هذا الفريق مبايعة علي للخلافة بتنفيذ القصاص بالقتلة ، وإن كان بعض المؤرخين ولا سيما الشيعة يرجعون مطالبة معاوية بدم عثمان لأغراض سياسية ولتعارض المصالح مع علي .

وجرت بينهم وبين جيش سيدنا علي معركة صفين التي كاد ان ينتصر بها علي ايضا لولا ان جيش معاوية رفعوا المصاحف على السيوف طلبا للصلح و التحكيم 
و قبل علي التحكيم 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فظهرت فرقة الخوارج الذين كفروا عليا لقبوله التحكيم ،
فقاتلهم الخليفة علي رضي الله عنه في معركة النهروان فقتلهم ولم يقتل من جيشه إلا أربعة أو سبعة وكان بين قتلى الخوارج المُخَدج ذو الثدية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخبر عنه 
«
أنه تخرج فرقة على حين اختلاف بين المسلمين تقتلهم أولى الطائفتين بالحق» 

وذكر في حديث آخر إن فيهم ذا الثدية ، فصار علي يبحث عنه بين القتلى حتى وجده فلما وجده سجد لله شكرا إذ علم أنه على الحق.

ولم يحزن علي على قتل أهل النهروان وهم الخوارج بل سجد لله شكرا ، ولكنه بكى كثيرا لما قاتل أهل الجمل ، وحزن لما قاتل أهل صفين، 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وكان هناك ايضا طائفة رابعة اعتزلت الجميع و نأت بنفسها بعيدا عن القتال ،و عدتّه فتنة ،و دعت الناس إلى عدم المشاركة فيه و كانوا أحلاس بيوتهم 
ضمت هذه الطائفة الأغلبية الساحقة من الصحابة رضوان الله عليهم الذين اعتزلوا الفتنة، ولم يكونوا ليقاتلوا الى جنب قتلة عثمان الذي قتلوا خليفة المسلمين وهم في جيش الإمام علي وهم قادته،
ولم يكونوا ليقاتلوا علي رضي الله عنه وهو الخليفة ،
وبعضهم حاول القيام بمحاولات للصلح بين الطائفتين العظيمتين من المسلمين
وبعد معركة النهروان بفترة تقارب السنتين قتل الخليفة علي رضي الله عنه شهيداً على يد عبدالرحمن بن ملجم وهو من الخوارج
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وكانت مدة خلافة علي خمس سنوات لكنها لم تشهد فتوحات جديدة 
وهو اول من خصص يوما للمظالم ، وله إسهامات كبيرة في التعريب ، وهو أول من وضع علم النحو .

وبعد وفاته بويع ابنه الحسن للخلافة 
لكن الحسن آثر إنهاء الخلاف بين المسلمين وجمع الأمة وحقن الدماء فتنازل عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان والي الشام آنذاك والخصم السياسي لأبيه, رغم التفوق العددي والعسكري لجيش الحسن على جيش معاوية المهزوم سابقا في معركة صفين.

وسمي ذلك العام بعام الجماعة لاجتماع كلمة المسلمين. و لقب الحسن بسيد المسلمين ، و أصلح الله به بين فريقين عظيمين من المسلمين كما أخبر بذلك جده رسول الله صلى الله عليه و سلم 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وبذلك خبت نار الفتنة الأولى و لكن آثارها لا تزال مستمرة ، و باقية كجمر تحت الرماد ، و قد ادت هذه الفتنة الى ظهور طائفتي الخوارج و الشيعة 
الخوارج هم الذين كفروا عليا و رغم ان هذه الطائفة قد تلاشت و لم يبق منها إلا بقايا يعتبر الاقرب اليها مذهبيا اتباع المذهب الاباضي المتواجدون حاليا في سلطنة عمان و جزيرة زنجبار

اما طائفة الشيعة الروافض الذين استغلوا الفتنة و اختبئوا تحت غطاء موالاة علي و بالغوا فيه لشق صف المسلمين ، و اخترعوا نظام الامامة ، فهم بازدياد مستمر

ولا تزال آثار هذه الفتنة ايضا مستمرة الى يومنا هذا و كأنها باب كسر ولن يغلق ابدا 

وسنتعرف أكثر على خصائص فتنة الأحلاس ، الفتنة الكبرى الاولى في تاريخنا في المنشور القادم 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ نــور ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و للحديث بقية

0 التعليقات:

إرسال تعليق