Pages

الصفحات

السبت، 14 فبراير 2015

(3/5) المدينة - خراب يثرب

القدس - المدينة - حلب - استانبول - و آخر الزمان

 (3/5) المدينة - خراب يثرب





 قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم-

عُمْرَانُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ خَرَابُ يَثرِبَ

وَخَرَابُ يَثرِبَ خُرُوجُ المَلحَمَةِ

وَخُرُوجُ المَلحَمَةِ فَتْحُ قُسْطَنطِينِيَّةَ

وَفَتحُ القُسْطَنطِينِيَّةِ خُرُوجُ الدَّجَّالِ.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  ذكرت في المقال السابق أننا نعيش اليوم  في مرحلة عمران بيت  المقدس  
والعمران الذي تعيشه القدس اليوم هو عمران مادي  واضح للجميع  مع تسارع البناء و الاستيطان في القدس
وهو كذلك عمران معنوي مع تصدر القدس و أخبارها  واجهة الاهتمام الدولي
  
فماذا عن يثرب وفق هذا الحـديث؟
هل هي الآن  في حالة خراب؟
وهل الخراب مادي فقط ؟  أم هو خراب  معنوي فقط ؟
أم هو الاثنين معا ؟

حسنأ ، هذه المرة سأقول لكم الجواب فوراً ، و بدون مقدمات ، ومن الآخر

خراب يثرب اليوم هو الاثنين معاً
هو خراب مادي كبير يكاد يكون شبه تام  
وخراب معنوي أكبر 
 وهو خراب واقع و محقق ، اليوم ، أي في الزمن الحاضر الذي نعيشه الآن 

هذا المقال هو فرصة  لكم كي تتدربوا عمليا على منهجية قراءة الأحاديث النبوية التي  شرحتها لكم في سلسلة كيف نفهم النبي في آخر الزمان ، كل شيء ذكرته لكم في مقالات السلسلة السبعة سنطبقه عمليا هنا و ستجدون كيف أن هذه المنهجية التي وفقني الله لها هي الطريقة الوحيدة كي  نفهم نبينا في آخر الزمان

لقد قلت لكم بالإضافة للمنهجية التي اتبعها يوجد الآن 3 اتجاهات فكرية  او3  فرق أخرى في مقاربة أحاديث  آخر الزمان
دعونا في البداية نستعرض كيف يفسر كل فريق من الفرق الثلاث الأخرى موضوع  خراب يثرب في ضوء هذا الحديث و في ضوء الواقع اليوم

الفريق الأول و اسميهم  أصحاب الاتجاه العقلي  الدنيوي ، ويمثله عدنان إبراهيم ، هؤلاء سيرفضون كالعادة بكل رعونة أي حديث في كتب السنة فيه ذكر الدجال أو الملحمة أو غيرها من فتن آخر الزمان ، لذلك  ليس عندهم تفسير إلا الإنكار و لن يقدموا لنا شيئاً

أما الفريق الثاني أصحاب المدرسة السلفية و التفسير الحرفي للنصوص ، فإنهم  سينظرون إلى المدينة المنورة اليوم بنفس الطريقة التي ينظرون بها إلى النصوص و الأحاديث  فسيرون بعيون البصر حركة عمرانية نشطة في المدينة واستثمارات مزدهرة في القطاع العقاري وسيقولون أن خراب يثرب  لم يحدث بعد و سيتركون الحديث  كالعادة للمستقبل كي يفسره لنا 


الفريق الثالث أصحاب اللغة الرمزية ، وشطحات الخيال ،  سيفسر كل واحد منهم الخراب على أنه خراب معنوي فقط وليس خراباً مادياً ،  وكل واحد منهم سيجتهد لتأويل كلمة خراب يثرب على طريقته
عمران حسين على سبيل المثال سيقول أن الخراب ذو معنى مجازي  و يقصد به تراجع الدور السياسي للمدينة المنورة مقابل صعود الدور السياسي للقدس ، فالمدينة اليوم لا تلعب أي دور سياسي لا على المستوى الدولي ولا الإسلامي بل ولا على المستوى المحلي ، وهو محق جزئياً  في هذا التفسير لكن انحسار التأثير  السياسي لمدينة ما في العالم لا يسمى خرابا ، فالتأثير السياسي في قضايا العالم  لكل المدن العربية يكاد يكون معدوم .
و أنا أصر على أنه كما أن عمران بيت المقدس اليوم هو عمران مادي و معنوي فكذلك  المقصود بخراب يثرب اليوم هو خراب مادي و معنوي
هو خراب مادي  كبير يكاد يكون شبه تام ، و أيضا خراب معنوي أكبر

تفسير عمران حسين لخراب يثرب

 
 و من ينظر إلى المدينة المنورة اليوم بعيون البصر  سيرى  بدون شك  ازدهارا عمرانيا
في المدينة  الآن  مشاريع عمرانية تكلف المليارات من الريالات  السعودية   ، و المولات والفنادق الفخمة في كل مكان ، وهناك اوتو سترادات و طرق سريعة و أنفاق
هذا ما نراه بعيون البصر
لكننا  سنرى شيئاً  مختلفاً  تماما لو نظرنا إلى مدينة رسول الله  بعيون البصيرة  

بما أننا ذكرنا  البصيرة التي هي أحد  أضلاع مثلث المنهجية التي اتبعها في فهم أحاديث النبي المتعلقة بآخر الزمان
 فعلي أن ألتزم بهذه المنهجية و أذهب للضلع الآخر من هذا المثلث و هو طريقة البحث و التحليل التي ترتكز على النظرة البانورامية الشاملة

بمعنى آخر ، دعونا  نلقي نظرة شاملة على جميع الأحاديث النبوية التي تتعلق بالمدينة في آخر الزمان  ، و نستعرضها على الطاولة ونحاول أن نكتشف الحبل المنطقي أو نظام المعنى الذي يربط بينها دون أن يكون هناك أي تناقض او تنافر بالمعنى و دون ان نهمل أي حديث ،   فكل حديث نبوي أو أثر بالنسبة لنا في هذه المنهجية هو جوهرة نادرة و له محل من الإعراب فالأحاديث كقطع الفسيفساء كل حديث يرسم جزء من الصورة و ترتيب جميع الأحاديث معا سيرسم لنا الصورة الكاملة
ولتسأل نفسنا بعد ذلك
هل  المدينة ستتعرض للخراب قبل الملحمة  و خروج الدجال  كما يوحي بذلك هذا الحديث  الذي يرويه معاذ بن جبل أم أن بقية الأحاديث الأخرى ستقول شيء مختلف؟  

 * عن سعد بن أبى وقاص سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول
إنَّ الإسلامَ بدأ غريباً ، وسيعودُ غريباً كما بدأ ، فطوبى للغُرباء إذا فسد النَّاسُ

والَّذى نفسى بيده إنَّ الإيمانَ ليأرزُ إلى المدينة كما تأرز الحيَّةُ إلى جُحْرِها
صحيح مسلم

ومعنى يأرز:  أي ينضم ويجتمع ويعود إلى المدينة كما بدأ بها  

* عن ابن عمر، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم  
   إن الإسلام بدأ غريبًا وسيعود كما بدأ ، وهو يَأْرِزُ بين المسجدين كما تَأْرِزُ الحية فى جُحْرِهَا  
صحيح  مسلم  .
 
* وفي الحديث الصحيح المتفق عليه  روى أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:
إِنَّ الإِيمَانَ لَيَأْرِزُ إِلَى الْمَدِينَةِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا
البخاري و مسلم

هذه الأحاديث فيها بيان لحدث عظيم في آخر الزمان وهو أن الإيمان الذي خرج من المدينة أول الأمر وانتشر في أصقاع المعمورة شرقا وغربا ودخل فيه الناس أفواجا  ، هذا الإيمان سينحسر ويقل ويصبح غريبا في آخر الزمان فيعود وينزوي إلى أصله في المدينة كما تعود الحية بعد انتشارها إلى جحرها  
وهذا فيه دليل عن أن المدينة لن يصيبها الخراب  الروحي او ما يتعلق بالإيمان  فالثلة الباقية من أهل الإيمان ستأوي إلى المدينة فيأتيهم الدجال ولا يستطيع دخولها لأنها محروسة بالملائكة وتحمى من الفتن  
لنتابع في بقية الأحاديث

* عن محجن بن الأدرع : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال: 
 
 يوم الخلاص وما يوم الخلاص ، يوم الخلاص وما يوم الخلاص ، يوم خلاص وما يوم الخلاص !
   
فقيل له : وما يوم الخلاص؟ 
 
قال :
 
يجيء الدجال فيصعد جبل أحد فينظر المدينة فيقول لأصحابه : أترون هذا القصر الأبيض ؟ هذا مسجد أحمد. 


ثم يأتي المدينة فيجد بكل نقب منها مَلًكاً مصلتاً فيأتي سبخة الجرف فيضرب رواقه ثم ترجف المدينة ثلاث رجفات فلا يبقى منافق ولا منافقة ولا فاسق ولا فاسقة إلا خرج إليه فذلك يوم الخلاص

و هذا الحديث الصحيح واضح وضوح الشمس 
الدجال عندما سيحاول غزو المدينة ستكون مأهولة و عامرة ماديا ، وعامرة كذلك إيمانيا و روحانيا ، رغم وجود بعض المنافقين فيها

وهناك حديث آخر ساطع واضح وضوح الشمس يرويه ابو هريرة يقول  
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
 

أخرجه الترمذي وغيره ، حديث حسن

إذن كما هو واضح من هذه الأحاديث الصحيحة أن المدينة ستبقى عامرة و لن يصيبها الخراب  سواء على المستوى المادي أو على المستوى الروحاني و الإيماني  لا بعد عمران بيت المقدس و لا بعد الملحمة   ،  ولا حتى بعد خروج الدجال 

أما الحديث الذي رواه معاذ بن جبل   فيقول أن الخراب سيقع  مع عمران بيت المقدس و قبل الملحمة و خروج الدجال
أي أن هذا الحديث - بهذا الفهم السطحي له -   يتناقض مع الحبل المنطقي او نظام المعنى  الذي رسمته الأحاديث الصحيحة السابقة التي تتحدث عن المدينة و الدجال في آخر الزمان ، و الأهم من ذلك أنه يتناقض مع ما تراه أعييننا و أبصارنا على ارض الواقع الآن من حركة عمرانية نشطة تجتاح المدينة
المدينة المنورة اليوم هي في حالة عمران إذا نظرنا إليها بالبصر

حسنا ، أظن أنكم في حيرة الآن

لكن لو لاحظتم أن جميع الأحاديث السابقة عندما كان الرسول عليه الصلاة و السلام يتحدث عن المدينة في آخر الزمان ذكرها باسمها الجديد أي المدينة
فقال:  يأرز الإيمان إلى المدينة ..
 يجيء الدجال فيصعد جبل أحد فينظر المدينة ، ترجف المدينة ثلاث رجفات ..
 آخـرُ قـريَةٍ مِن قـرى الإِسـلام خــرابـا المدِينَة ،...
الى آخره
دائما استخدم كلمة المدينة في جميع تلك الأحاديث ، ما عدا في الحديث الذي رواه معاذ بن جبل ، فقال خراب يثرب ، ولم يقل خراب المدينة 

لماذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام في حديث معاذ بن جبل - فقط - عمران بيت المقدس خراب يثرب  ، ولم يقل عمران بيت المقدس خراب المدينة؟

حسنا ، كي نجيب على هذا السؤال لا بد لنا  ان نستخدم أداتنا الثالثة  في مثلث المنهجية التي نتبعها لفهم النبي في آخر الزمان ، وهي  المعرفة الموسوعية العامة
علينا أن  ننظر هذه المرة  في شخصية  راوي الحديث   معاذ بن جبل رضي الله عنه  لأن معاذاً - ربما -  سيعطينا رأس الخيط لنعرف الجواب

معاذ بن جبل  الذي روى هذا الحديث هو أنصاري ، أي هو من أهل المدينة
ولد في يثرب و أسلم و عمره 18 سنة و عاش معظم حياته في يثرب حتى قبل وفاته ببضع شهور عندما استخلفه الفاروق على الشام ، وهناك مات وعمره 33 سنة  

ما أريد أن أصل إليه من سيرة معاذ بن جبل هو  أن المكان الذي سمع فيه معاذ هذا الحديث من فم الرسول عليه الصلاة و السلام  هو  يثرب  و ليس مكة  
 و الزمان الذي أخبر به الرسول هذا الحديث هو  بعد هجرته من مكة  إلى يثرب  التي ما أن  وصلها  حتى أطلق عليها   اسمها الجديد  المدينة 
  
فهذا الحديث هو حديث مدني و ليس حديثا مكيا ، و تاريخ نطق الرسول به هو بعد الهجرة  و ليس قبل الهجرة
يعني لو كان هذا الحديث - مكياً - قيل قبل الهجرة فإنه من  المنطقي أن يستخدم الرسول الاسم القديم يثرب ، لأن الاسم الجديد - المدينة - لم يكن قد عرفه الناس بعد .
 لكن الرسول ذكر عبارة خراب يثرب بعد أن تغير اسم يثرب و صار المدينة.
ماذا يعني هذا ؟

ألم يكن من المنطقي أكثر أن يستخدم الرسول عليه الصلاة و السلام الاسم الجديد الذي أطلقه هو بنفسه على المدينة  ليشير به إلى الخراب الذي سيحيق بها في آخر الزمان و قبيل خروج الملحمة  وليس  الاسم القديم   يثرب ؟
خاصة أن الخراب سيحدث في آخر الزمان  و اسم المدينة مناسب للموقف أكثر من اسم يثرب لان الحدث يتعلق بمستقبل البلدة المباركة و ليس بماضيها ، فلماذا لم يقل عمران بيت المقدس خراب المدينة ؟

أظن أن حيرتكم الآن زادت أكثر
و أظن أنه قد حان الوقت كي نستخدم جهاز التنقيب عن الرسائل المشفرة و نسبر الأغوار العميقة لكلمات النبي الذي أوتي جوامع الكلم
لقد تعلمنا أننا في قراءتنا لأحاديث النبي عليه الصلاة و السلام يجب أن لا ننسى أبداً أننا نتعامل مع كلمات و عبارات عميقة و مكثفة  لنبي  بليغ أوتي جوامع الكلم 
 
إشارة الرسول عليه الصلاة و السلام لهذا الخراب المستقبلي بعبارة  خراب يثرب و ليس خراب المدينة فيها لفتة لطيفة أن الخراب المادي الذي سيطال مباني  المدينة المنورة قبل الملحمة سيصيب تحديدا  كل ما هو قديم و تاريخي فيها
 أي خراب كل المباني الأثرية التي تعود إلى المرحلة التاريخية  التي كانت تسمى فيها المدينة باسم يثرب
و عمليا، كل ما له علاقة بأثار الرسول و الصحابة و آل البيت في المدينة  لان هذه الآثار هي ما حافظ عليه المسلمون طوال 14 قرنا من يثرب القديمة ، وبقي كثير من تلك الآثار حتى الثلث الأخير  القرن العشرين ، عندما بدأت  الفوبيا المصاحبة من اتخاذ الآثار النبوية مكانا للشرك و تبعتها حملة ضارية  لهدم كل ما تبقى من  يثرب القديمة  بسبب توسعة الحرم
بدأ خراب يثرب في الثلث الأخير من القرن العشرين و تزامن  مع  نفس الفترة التي بدأ فيها عمران بيت المقدس
وفيما كانت الجرافات الاسرائيلة تنبش أرض بيت المقدس و تحفر الأنفاق تحت الأقصى بحثا عن أي أثر و لو ضئيل عن تاريخ اليهود في  أورشليم القديمة ، كانت جرافات أخرى تردم تاريخ الإسلام في يثرب القديمة  وتعربد فوق أنقاضها بلا مبالاة .
لم يبق في المدينة الآن أي بناء قديم  أو أي مكان يعود للفترة التاريخية التي كانت  تسمى فيها المدينة  باسم يثرب ، كلها هدمت و خربت
حتى المكان الذي شهد غزوة الخندق -عند السبع مساجد-  ردم و طمست معالمه 

و  قبور الصحابة في مقبرة البقيع كلها أخفيت  و أزيلت شواهدها 
المباني و الدور الأثرية كلها أزيلت
لم يبق من يثرب أي شيئ تاريخي ، لا شيئ قديم  على الإطلاق
حتى المسجد النبوي تغيرت جميع معالمه  ، و  صار قصرا ابيضا
لقد وقع خراب يثرب و بني على أنقاضها  فنادق و مطاعم ومباني تجارية يمتلكها أصحاب النفوذ

لكن الخراب كما سبق وقلت  ليس خرابا ماديا فقط بل هو خراب معنوي أكبر
و هذا الخراب يتظاهر بعدة مظاهر


 و أهمها خراب الدور الديني و  السياسي و الحضاري  للمدينة

فقد غاب في هذا العصر دور المدينة المنورة السياسي و الديني تماما وكأنها ليست مدينة النبي و أول عاصمة للخلافة  
 و لم يسبق للمدينة أن عانت مثل هذا التهميش السياسي في أي مرحلة من مراحل التاريخ الإسلامي

متى كانت آخر مرة شاهدنا في التلفزيون أو قرأنا في الصحف أو الانترنت خبرا عن المدينة المنورة؟
وما هو الدور السياسي أو حتى الثقافي الذي تلعبه مدينة النبي في عالم اليوم ؟

حتى عندما انتقلت عاصمة الخلافة من المدينة إلى دمشق ومن بعدها إلى بقية العواصم ظل للمدينة  دورها المؤثر على كل الصعد    
إلا أن هذا الدور السياسي والديني للمدينة ولم  يتلاشى هذا الدور إلا   في القرن الماضي و تزامن كذلك مع صعود الدور السياسي للقدس

المدينة الآن هي وجهة للسياحة الدينية فقط 
مكان للزيارة و التبرك ، وعندما تتحول وظيفة المدينة المنورة إلى قبلة سياحية فقط يعني انك وضعتها بنفس الخانة مع  متحف اللوفر ، او جزر المالديف  أو ديزني لاند
و هذا يعني أنك  خربت دور المدينة الحقيقي الذي لن  تعوضه أي  مدينة أخرى في العالم
الخراب هو خراب الدور ، خراب الوظيفة ، خراب المكانة
تستطيع ان تبني مناطق جذب سياحية في أي مكان في العالم ، ولو في بقعة مقفرة ،  حتى الحفاة العراة  رعاة الشاة العالة  استطاعوا بتطاولهم في البنيان ان يجذبوا آلاف السياح إلى لهيب دبي الحارق
لكن لا يوجد في كل الأرض مكان يمكن أن يحتوى نبي الإسلام و تاريخه ويشكل مركز الإشعاع الحضاري ، و إليه يأرز الإيمان كمن تأرز الحية إلى جحرها ، إلا مكان واحد فقط 

المدينة اليوم و قد بلغ عدد مسلمي العالم مليار و نصف لا تعج بالمدارس ولا المعاهد الدينية و الجامعات الإسلامية كما ينبغي أن يكون ، و شوارعها لا تزدحم بمئات  آلاف الطلبة و الطالبات  ولا تنتشر دور النشر و المكتبات الضخمة في كل حي كما يليق بها ، ولا  توجد فيها محطات تلفزة إسلامية تبث بجميع لغات العالم  لنشر العقيدة الصحيحة
المدينة ينبغي أن تكون مركز الإشعاع الحضاري و المرجعية الأولى للعقيدة الصحيحة لكل مسلمي الأرض
هذا هو دور المدينة الحضاري الحقيقي 
و فيما تمتلئ القدس بالجامعات و مراكز البحوث 
 لا نرى في المدينة سوى جامعة يتيمة واحدة ذات سياسة متشددة في قبول الطلاب (الأجانب) الذين لا يزيدون عن بضع مئات في أحسن الحالات  
و بدلا من المدارس و الجامعات و مراكز الإشعاع الحضاري  سيرى الزائر للمدينة اليوم مئات و مئات الفنادق و عشرات المولات و المطاعم
 هليتون المدينة الذي تمتلكه عائلة هيلتون الماسونية و التي لا تخفي دعمها العلني لإسرائيل  يحاذي الحرم النبوي مباشرة
مطاعم ماكدونالد و كنتاكي لها عشرات الفروع الآن في المدينة  و الحجاز
وهذه المطاعم أيضا تمتلكها عائلات أمريكية ثرية داعمة لإسرائيل  و ربما تتبرع سنويا بجزء من أرباحها التي تجنيها من خراب  يثرب  ... لعمران أورشليم  

أليس كل ما  يحصل الآن هو  خراب معنوي للمدينة  ؟


لكن الخراب المعنوي للمدينة له مظهر ثالث أيضا

تجري في المدينة الآن حركة تشـيّـع محمومة   في السر و العلن   
و قد سمعنا منذ سنتين  خبراً مرّ سريعا و دون تفاصيل شافية عن إلقاء قوى الأمن السعودية القبض على بعض أعضاء شبكة تجسسس شيعية كبيرة مرتبطة بإيران وبعض أعضاءها هم من المستوطنين الشيعة في المدينة
 التغلغل الشيعي صار كبيرا جدا في المدينة المنورة   بسبب إما عدم الوعي بخطورة من يسبون أصحاب رسول الله  أو بسبب  الفساد الذي يسهل  شراء الشيعة لمساحات واسعة من الأراضي

لا يوجد هناك إحصائيات موثوقة ودقيقة لنسبة مساحة الأراضي التي استولى عليها الشيعة في مدينتنا  
ولا الأعداد الحقيقية للشيعة المتسللين إلى المدينة التي كانت منذ عهد النبي حتى عهد قريب مدينةً لأهل السنة و الجماعة بشكل نقي وخال من أي شوائب  

لكن التقديرات غير الرسمية تقدر نسبة المستوطنين الشيعة حاليا في مدينتنا المنورة  ما بين الربع و الثلث
وهي نسبة خطيرة جدا و مؤشر كبير على الخراب المعنوي للمدينة  

وهذا  مؤشر آخر كبير على أن الوقت قد أزف   
لأن المدينة ستكون معمورة وقت خروج الدجال ولن يتمكن من دخولها
لكنّ المنافقين والخبثاء و الفسقة سيكونون قد عشعشوا فيها و سيخرجون  اليه بعد ثلاث رجفات
و ذلك يوم الخلاص


يجيء الدجال فيصعد جبل أحد فينظر المدينة فيقول لأصحابه : أترون هذا القصر الأبيض ؟ هذا مسجد أحمد . ثم يأتي المدينة فيجد بكل نقب منها مَلًكاً مصلتاً فيأتي سبخة الجرف فيضرب رواقه ثم ترجف المدينة ثلاث رجفات فلا يبقى منافق ولا منافقة ولا فاسق ولا فاسقة إلا خرج إليه فذلك يوم الخلاص


و يجب أن نلاحظ أن النبي صلى الله عليه وسلم حينما وصف المسجد النبوي كما يراه الدجال بالقصر الأبيض ، حينما قال هذا الكلام  كان مسجده البسيط مبني من لبنات طينية ذات لون بني وكان سقفه من سعف النخيل وعماده من جذوعها
لم تستخدم الحجارة البيضاء في عمارة المسجد النبوي الا بعد خراب يثرب ، و في التوسعة الأخيرة في عهد الملك فهد ومن ينظر إلى المسجد النبوي الآن من جبل أحد سيبدو تماما كقصر أبيض .

لقد حدث  بالفعل خراب يثرب  ، و حدث عمران بيت المقدس
و جيلنا يشهد الآن الحدثين معاً
وهذا يعني أيضا حسب الجدول الزمني الذي يقدمه لنا الرسول عليه الصلاة و السلام أن جيلنا  يقف الآن على أبواب الملحمة  
و أن طبول الحرب تقرع الآن لـ  خروج  الملحمة
ولكن ما هي الملحمة ؟

الملحمة هي أكبر حرب كونية ، تصل نسبة ضحاياها إلى 99% من الذين سيشتركون فيها
وهي  كما يصفها من أوتي جوامع الكلم - نبينا - عليه الصلاة و السلام  "مقتلة لم ير مثلها قط"
ماذا يعني أنه لم ير مثلها قط ؟
لقد  رأينا آلاف الحروب و المجازر و المذابح عبر تاريخ البشر المليء بسفك الدماء
رأينا محاكم التفتيش الكاثوليكية الفظيعة التي دامت 3 قرون ومحت وجود المسلمين تماما من الأندلس ونفذها  شبيحة أوربا  بعد أن سرقوا اكتشاف البحارة المسلمين لأمريكا  و العالم الجديد
و رأينا الإبادة الجماعية التي نفذها أبناء هؤلاء  الشبيحة من المهاجرين الأوربيين ضد الهنود الحمر و قتلوا أكثر من 100 مليون من سكان أمريكا الأصليين
و رأينا الحرب النووية التي أحرقت هيروشيما  و قام بها أحفاد هؤلاء الشبيحة في الحرب العالمية الثانية
و رأينا المجازر الهمجية التي نفذها حلفائهم اليهود في فلسطين  و وكلاءهم النصيريين في الشام ، و كلابهم العلمانيين  في مصر 
 
لقد رأينا الكثير الكثير من القتل  
لكن الرسول الذي لا يليق به المبالغة ولا التهويل بالكلام  - وحاشاه صلى الله عليه وسلم - يقول بكلمات مضبوطة يعني كل حرف فيها أن المقتلة التي ستحدث في الملحمة لم ير مثلها قط ، حتى أن طيور السماء التي تمر بجنباتهم لا تخلفهم إلا وقد خرت إلى الأرض ميتة
  المقتلة التي لم ير مثلها قط  سيبدو معها كل ما سبق من حروب كحفلة ألعاب نارية   
  لأن أكبر مقتلة في تاريخ الإنسان ستنهي آخر منجزات  المدنية  و التكنولوجيا من كوكبنا الأزرق الصغير  

و من عجائب القدر أنها ستحدث  في نفس  المهد الذي ولدت فيه أول حضارة مدنية 
ستحدث في نفس المكان الذي تم فيه تصنيع أول أسلحة القتل  في تاريخ الإنسانية
 ستحدث في أقدم حواضر التاريخ ، و أجمل مدن الشرق
عند المدينة الغامضة البهية ، الحاضرة المنسية ، الفاجرة التـقية ، الملوثة النـقية ، الضعيفة القوية

أهلا بكم في حلب
و للحديث بقية 

هناك 4 تعليقات:

  1. موقع البوابة المصرية للاخبار
    http://www.egyportal.com

    EGYptportal.net

    ردحذف
  2. موقع البوابة المصرية للاخبار
    http://www.egyportal.com

    EGYptportal.net

    ردحذف
  3. مؤسَّسة الدُّرر السَّنية: مؤسَّسةٌ عِلميَّة، دعويَّة، إعلاميَّة، وقفيَّة.
    لها غايةٌ عظيمة، ورؤيةٌ مستقبليَّة، ورسالةٌ واضحة، وهدفٌ محـدَّد.
    الغاية:
    الحِفاظ على السُّنة وميراث النبوَّة (بمفهومه الشامل).

    الرِّسالة:
    نسعى لنُؤسِّس: منهجًا مؤصَّلًا، ونقلًا موثَّقًا، وعلمًا شاملًا، بمحتوًى عربي، وانتشار عالمي.

    الموسوعة الحديثية

    ردحذف
  4. مقال رائع جداً عن فارق السن في الزواج ..
    لا يفوتكم .. ⬇⬇
    https://bit.ly/2KrDCNl

    ردحذف